نتنياهو يعتبر ركابها "نشطاء سلام" ومتضامني "مرمرة" إرهابيين.. وواشنطن تنتقد حصار غزة
"راشيل كوري" في أسر الإسرائيليين إلى جانب "أسطول الحرية"
المستقبل - الاحد 6 حزيران 2010 - العدد 3673 -
رام الله ـ "المستقبل" ووكالات
انضمت "راشيل كوري" الى زميلاتها من سفن "أسطول الحرية" الست في الأسر الإسرائيلي، بعدما عاندت تلك السفينة التي نظم رحلتها نشطاء أيرلنديون أوامر إسرائيل بعدم التوجه الى غزة، علماً انها، سميت هكذا تيمناً بالناشطة الأميركية التي سحقتها جرافة اسرائيلية عمداً في العام 2003 بينما كانت تحاول منعها من تدمير منزل فلسطيني في مخيم رفح في قطاع غزة، وهكذا تكون القوات الاسرائيلية أسرت "سفينتها" بعد نحو 7 سنوات من قتلها بوحشية.
فعلى الرغم من حملة التنديد الدولي الرسمي والشعبي بالجريمة الاسرائيلية التي ارتكبت ضد "اسطول الحرية" وسفينة "مرمرة" التركية بالذات، جددت اسرائيل امس السبت هويتها كدولة مارقة على القانون والاعراف الدولية وضربها عرض الحائط وازدرائها للاجماع الدولي الداعي الى كسر الحصار عن قطاع غزة، واعلن جيش الاحتلال الاسرائيلي ان وحدات كوماندوس خاصة اقتحمت ظهر امس سفينة "راشيل كوري" واقتادتها الى ميناء اشدود جنوب الدولة العبرية.
واللافت أيضا، أن قرصنة سفينة السلام الأيرلندية ترافق مع لهجة استعلائية واستفزازية استخدمها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ضد تركيا من دون تسميتها، فاعتبر أن ركاب "راشيل كوري"، التي لم يستخدم جنود الاحتلال العنف المميت في اسرها، هم نشطاء سلام، فيما ناشطي "اسطول الحرية" وكبرى سفنه "مرمرة" التركية داعمون للإرهاب.
وأعلن جيش الاحتلال انه سيسيطر على السفينة "راشيل كوري" في حال رفضت تعليمات الجيش وواصلت طريقها الى قطاع غزة. كما لفتت الإذاعة العبرية إلى أن الزوارق الإسرائيلية دعت السفينة إلى التوجه إلى ميناء أسدود مع التأكيد بأنه سيتم نقل حمولة السفينة إلى قطاع غزة تحت إشراف النشطاء المتواجدين على ظهر السفينة.
واعترضت البحرية الاسرائيلية سفينة المساعدة ريتشل كوري التي استأجرتها منظمة ايرلندية قبالة سواحل غزة صباح امس، حسبما ذكرت لجنة استقبال السفينة في غزة.
وقال امجد الشوا، المسؤول في لجنة استقبال السفينة ومنسق شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية، ان " زوارق بحرية اسرائيلية عدة اعترضت هذه السفينة على بعد نحو 30 الى 35 ميلاً (بحرياً) من شواطئ بحر غزة". واكد ان "الاتصال قطع تماماً مع المتضامنين على متن السفينة". واوضح ان السفينة تحمل مساعدات انسانية من المواد الطبية ومواد البناء وعلى متنها 19 شخصا غالبيتهم متضامنون من ايرلندا وماليزيا. وكان يفترض ان تكون هذه السفينة جزءا من الاسطول الذي تعرض للهجوم الاسرائيلي الاثنين.
وقبل اختطافها، اعلن أحد النشطاء الموجودون على ظهر السفينة الإيرلندية أن زوارق تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي تتابع السفينة التي تبحر على بعد نحو 100 كيلومتر من شواطئ قطاع غزة إلاّ أن الجنود لم يصعدوا على ظهر السفينة. وقال الناشط وهو الماليزي شانغ بول أكمار للاذاعة الاسرائيلية: إن النشطاء لا ينوون مقاومة الجنود.
وأعلنت وزارة الخارجية الأيرلندية أنها توصلت إلى اتفاق مع إسرائيل بشأن رسو السفينة في ميناء أشدود حيث يتم تفريغ حمولتها وتفتيشها تحت إشراف أممي وأيرلندي ومن ثم نقلها إلى قطاع غزة، الا ان الناشطين على متن السفينة المخطوفة اكدوا رفضهم الاتفاق هذا، وقرروا بالتالي ابقاء اتجاه السفينة نحو غزة حيث اجبرتها الزوارق الحربية الإسرائيلية على التوجه الى اشدود.
وكشفت تقارير اعلامية اسرائيلية ان قرار اختطاف سفينة راشيل كوري" اتخذ من قبل نتنياهو نفسه، لكنه اوصى قائد سلاح البحرية بخطفها بقفازات حريرية، في اشارة الى عدم استخدام العنف منعاً لتكرار المذبحة التي جرت فجر الاثنين الماضي عندما اقتحمت سفينة "مرمرة "التركية بالقوة وسقط نتيجة الاقتحام تسعة شهداء واكثر من اربعين جريحاً.
وكان أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي اكد امس ان الجيش الإسرائيلي والبحرية ملتزمان بقرار الحكومة منع سفينة راشيل كوري من الوصول الى قطاع غزة وعدم كسرها للطوق الأمني والحصار المفروض على القطاع.
وقال أدرعي في تصريحات صحافية من ميناء أشدود ان سلاح البحرية الإسرائيلية وجه العديد من النداءات الى قبطان السفينة للتوجه الى أشدود ومن ثم إنزال المساعدات التي على متنها ونقلها بعد ذلك الى قطاع غزة، مشيرا الى انه في حال رفضت هذا النداء فإن الجيش سيقوم باقتحام السفينة وقيادتها الى الميناء.
وأوضح أدرعي أن 8 شاحنات من حمولة قافلة الحرية موجودة في معبر لقطاع غزة "وما زالت تنتظر مصادقة سلطات حماس لإدخالها إلى القطاع، وهناك حمولة 32 شاحنة أخرى من القافلة بانتظار مصادقة "حماس" لإدخالها وهي موجودة في مخازن تابعة لجهاز الأمن". وأضاف أن حمولة السفينة "راشيل كوري" سيتم نقلها إلى قطاع غزة "وفقا للمعايير المتبعة في وزارة الدفاع" مشيرا بذلك إلى تقارير تحدثت أن حمولة السفينة تحتوي على الاسمنت الذي تمنع إسرائيل دخوله القطاع.
ووصف نتنياهو المشاركين في سفينة "راشيل كوري" لكسر الحصار على غزة بأنهم "نشطاء سلام"، فيما اعتبر المشاركين في "أسطول الحرية" بأنهم "مؤيدون للإرهاب".
وقال في بيان صادر عن مكتبه بعد ظهر أمس، في أعقاب سيطرة القوات الإسرائيلية على سفينة "راشيل كوري"، إنه "نرى الفارق بين قافلة نشطاء سلام الذين لا نتفق معهم لكننا نحترم حقهم في التعبير عن موقف مختلف عن موقفنا وبين قافلة الكراهية التي نظمها متطرفون عنيفون ومؤيدون للإرهاب".
وزعم نتنياهو أن القوات الإسرائيلية "تعاملت مع كلتا القافلتين بشكل مشابه من أجل ضبط الحصار البحري ومنع تهريب أسلحة إلى حماس والسماح للبضائع المدنية بالدخول إلى غزة بعد تفتيشها". واضاف أن "الفارق يتعلق بسفينة واحدة فقط مؤيدة للإرهاب وانتظر نشطاء إسلاميون متطرفون على سطحها جنودنا حاملين الفؤوس والسكاكين"، مشددا على أن "إسرائيل ستستمر في الحفاظ على حقها بالدفاع عن النفس ولن نسمح بإقامة ميناء إيراني في غزة".
ونددت المنظمة الايرلندية التي استأجرت سفينة راشيل كوري "حملة تضامن ايرلندا مع فلسطين" التي مقرها في دبلن، بتغيير مسار السفينة قبالة غزة و"بخطف" ركابها.
وأعلن السفير الاسرائيلي في الولايات المتحدة مايكل اورين ان نتنياهو سيتوجه خلال الايام القلائل المقبلة الى واشنطن للقاء الرئيس الاميركي باراك اوباما.
وقالت الاذاعة الاسرائيلية أمس ان الاجتماع الذي كان مقرراً بين نتنياهو واوباما الثلاثاء الماضي ألغي بسبب اضطرار رئيس الوزراء الاسرائيلي الى العودة الى اسرائيل في ظل احداث عملية الاستيلاء على قافلة السفن الدولية التي كانت متجهة الى قطاع غزة. وفي ردود الفعل ايضاً، دانت حركة "حماس"، اعتراض السفينة الأيرلندية. وقال المتحدث باسم الحركة سامي "إن هذه الممارسات تمثل تحديًا واستفزازاً للمشاعر الإنسانية، واستهدافاً لحركة السلام والتضامن الدولية"، مؤكدًا أن هذه الجريمة، كسابقتها، لن تفلح في ردع حركة التضامن الدولية واستمرار تدفق السفن باتجاه غزة".
وفي ردود الفعل في الداخل، شهدت مدينة تل ابيب تظاهرة حاشدة مساء أمس لليسار الاسرائيلي انطلقت فيها هتافات تطالب برفع الحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة.
وقالت جريدة "جيروزاليم بوست" الاسرائيلية على موقعها الالكتروني ان آلافاً من نشطاء وعناصر جماعات يسارية شاركوا في هذه التظاهرة الحاشدة في قلب تل ابيب بمناسبة الذكرى الـ43 لحرب الخامس من حزيران (يونيو) واحتلال اراض عربية، فيما اعلنوا تضامنهم مع النشطاء الدوليين على متن السفينة "راشيل كوري" التي دخلت إلى ميناء أشدود ترافقها سفن تابعة للبحرية الإسرائيلية.
وفي لندن شارك آلاف البريطانيين وبعض الجاليات الأخرى أمس فى تظاهرة للتنديد بجرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وبدأ المتظاهرون تجمعهم من أمام مقر الحكومة البريطانية في "دواننغ ستريت" لمطالبة الحكومة بممارسة ضغوط على إسرائيل لرفع حصارها عن قطاع غزة ووقف أعمال القرصنة التي تقوم بها في المياه الدولية.
وندد المشاركون بما قامت به قوات الكوماندوس الإسرائيلية أخيراً من اقتحام لسفن قافلة الحرية وقتل أبرياء على متنها فى انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية.
وحمل المتظاهرون لافتات تدعو إلى الحرية لغزة وإنقاذ سكان القطاع، كما حملوا الأعلام الفلسطينية والتركية.
وتوجه المتظاهرون من مقر الحكومة البريطانية إلى مقر السفارة الإسرائيلية في لندن ورددوا شعارات مناهضة للسياسات الإسرائيلية.
وفي تركيا، خرج آلاف الأتراك في مسيرات بشوارع اسطنبول وتجمعوا في ميدان كاجلايان أمس للتنديد بالغارة الإسرائيلية على أسطول المساعدات الدولية الذي كانت تقوده سفينة تركية. وردد المتظاهرون شعارات مؤيدة لغزة وهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية
وأعرب الحشد عن غضبهم وهم يهتفون قائلين "الله اكبر" كما صلوا من أجل النشطاء الذين قتلوا في الهجوم المميت.
وقالت متظاهرة تدعى عائشة قابلان "اريد ان اندد بمن لديهم عقلية تسمح لهم بإطلاق النار على الرضع الابرياء الذين لا حول لهم ولا قوة.. وفي مقدمهم اسرائيل".
وفي موقف بارز، كان البيت الابيض اعتبر ان حصار اسرائيل لقطاع غزة "لا يمكن تحمله" وحض سفينة "راشيل كوري" قبل قرصنتها، على تحويل اتجاهها الى ميناء اشدود الاسرائيلي للحد من خطر وقوع اعمال عنف.
وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي مايك هامر ليل الجمعة ـ السبت: "اننا نعمل بشكل عاجل مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية وشركاء دوليين اخرين لوضع اجراءات جديدة لتسليم مزيد من السلع والمساعدات لغزة.. لا يمكن تحمل الاجراءات الحالية ولا بد من تغييرها. والآن ندعو كل الاطراف الى الانضمام لنا في تشجيع القرارات المسؤولة من كل الاطراف لتفادي اي مواجهات غير ضرورية".
موضوع: "راشيل كوري" في أسر الإسرائيليين إلى جانب "أسطول الحرية" 
